قد يُسهم دمج الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة مع تكنولوجيات الأوميكس المتعددة في إحداث تغيير جذري في علاج مرض السكري من النوع الثاني وتغيير الطريقة التي يتم بها تشخيص المرض ومراقبته ومحاربته، وفقًا لدراسة أجراها باحثون من جامعة خليفة وهم، البروفيسور بيير زلوعة والدكتور سيوبحان أوسوليفيان، بالتعاون مع البروفيسور لو تشي، من كلية الصحة العامة ومركز البحوث المعنيّة بالسمنة التابع لجامعة تولين ومعهد تولين للصحة الشخصية في الولايات المتحدة.
وجدت الدراسة، التي ركزت على التحدي المهم المتمثّل في سد الفجوة المحورية بين البحوث الجزيئية والممارسة الطبية، أن دمج تكنولوجيات الأوميكس المتعددة مع الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة قد يساهم في تطوير علاجات متخصصة لكل مريض وفقًا لاحتياجاته الفردية، ما يؤدي إلى الحد من العبء العالمي لهذا المرض الأيضي الذي يزداد تفاقمًا. وتشير التقديرات الحالية إلى أن 463 مليون شخص بالغ مصاب بداء السكري من النوع الثاني، وهو رقم يُتوقع أن يصل إلى 700 مليون بحلول عام 2045، مع توقع وقوع أكبر عددٍ من الإصابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا.
يؤكّد الباحثون على أن فهم التفاعل المعقد بين الأعضاء والمسارات الحيوية الكيميائية ضروري لتوضيح آلية تطوّر مرض السكري من النوع الثاني وتقدمه، حيث تساعد هذه المسارات في توضيح طريقة تحول المشكلات على المستوى الجزيئي إلى أعراض سريرية، كما تُمكن الأطباء من تصنيف المرضى إلى مجموعاتٍ بناءً على الاضطرابات الأيضية السائدة التي يُعانون منها.
يشير الباحثون إلى أن التكنولوجيات الناشئة الجديدة مثل استراتيجية أوميكس المتعددة التي تدمج الجينات والبروتينات والمستقلبات وميكروبات الأمعاء، توفر وضوحًا أكبر حول تحكّم التغييرات الجينية والتنظيمية في التسبّب بالمرض، حيث تُسهم الأدوات أحادية الخلية على تعزيز هذا الفهم من خلال تحديد أنواع الخلايا المحدّدة المسؤولة عن مشكلات مثل فشل إنتاج الأنسولين والخلل في تنظيم الجلوكوز في الكبد والتهاب الأنسجة الدهنية.
يمكّن كلٌّ من الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة من دمج وتحليل هذه البيانات المعقدة التي تكشف عن الأنماط الجزيئية والشبكات التنظيمية التي تشارك في عملية إطلاق إشارات الأنسولين، وأيض الدهون وإنتاج الطاقة وتفاعلات الجهاز المناعي، حيث يمكن أن يسهم هذا النوع من تحليلات أوميكس المتعددة، في تعزيز مجال طب السكري الدقيق الذي تُصمَّم فيه العلاجات وفقًا للمعلومات الشخصية الجزيئية للمريض بدلًا من الاعتماد على نهج علاجي واحد يناسب الجميع، وقد توصّلت الدراسة إلى أن النماذج التنبؤية للذكاء الاصطناعي يمكن أن تولّد أيضًا درجات مخصصة من المخاطر حتى قبل ظهور الأعراض السريرية، الأمر الذي يسمح بالتدخل المبكر.
من جهته قال الدكتور سيوبحان أوسوليفيان: "تستكشف هذه الدراسة البنية الجزيئية المعقدة لمرض السكري من النوع الثاني، والدور المهم لتكامل دراسة أوميكس المتعددة والعلوم الحيوية للأنظمة، وتمثّل هذه الخطوة تقدّمًا في مجال سد الفجوة بين الرؤية الجزيئية والتطبيق الطبي".
بشكل عام، تتجاوز الدراسة الروابط الإحصائية التقليدية من خلال اعتماد الباحثين على نهج العلوم الحيوية للأنظمة الذي يتضمن فهمًا أكثر شمولية لآليات المرض، ما يمهّد الطريق لابتكار علاجات شخصية أكثر ومصمّمة خصّيصًا لتناسب عملية الأيض الخاصة بكل مريض، كما ذكرت الدراسة.
ترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب