سلّطت الدورة الدولية للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية "سيرن": فيزياء الجسيمات التطبيقية، الضوء على أسرار العالم دون الذري في جامعة خليفة، حيث شارك فيها 350 طالب من أكثر من 40 مدرسة ثانوية في أبوظبي، وهي مبادرة عالمية تفاعلية تتيح للطلبة فرصة التعمّق في مجال فيزياء الجسيمات من خلال تحليل بيانات حقيقية تزوّد بها أكبر التجارب العلمية في العالم في مُصادم الهادرونات الكبير التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية والجسيمات "سيرن" في جنيف بسويسرا.
ركّز الحدث على إبراز منهج جامعة خليفة في الفيزياء والأنشطة البحثية، فضلًا عن الفرص الاستثنائية المُتاحة لطلبة البكالوريوس والدراسات العليا، بما فيها البرنامج الأكاديمي والمنح الدراسية والمشاريع التعاونية متعددة التخصصات التي تقوم بإشراك الطلبة في التجارب الدولية وبرامج التدريب الصيفي المتاحة في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية والجسميات "سيرن".
تم توزيع الطلبة أثناء الدورة في فرق صغيرة للعمل مع بيانات التصادم من تجربة أطلس باستخدام أدوات برمجية بسيطة لإعادة بناء مسار جسيم "بوزونات زِد"، حيث تمكن الطلبة المشاركون من خلال هذا التحليل، من تحديد بصمات الجسيمات الأولية ومساراتها وإعادة بناء الكتل الثابتة، إضافة لاكتساب فهم مباشر وهام حول دور الفيزيائيين في دراسة المكونات الأساسية للمادة عبر تصادم البروتونات الذي يسجله مُصادم الهادرونات الكبير (إل إتش سي).
تضمنت الدورة التدريبية الدولية للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، مشاركة كلٍّ من البروفيسور محمود القطيري، نائب الرئيس الأكاديمي للشؤون الأكاديمية والبروفيسور إيهاب فهمي السعدني، عميد كلية العلوم الهندسية والفيزيائية، والبروفيسور ماورو بيريرا، رئيس قسم الفيزياء من جامعة خليفة، كما قدّم البروفيسور فرناندو كيفيدو من جامعة نيويورك - أبوظبي وجامعة كامبريدج، نبذة ملهمة عن فيزياء الجسيمات، تتبع من خلالها مسار تطوّر النموذج القياسي للجسيمات الأولية وسلّط الضوء على الأسئلة غير المحلولة التي تدفع أبحاث اليوم لاكتشاف ظواهر جديدة في مصادم الهدرونات الكبير في الحاضر.
قدم الدكتور رشيق صوالح، الأستاذ المساعد في الفيزياء ورئيس فريق المجموعة البحثية لأطلس بجامعة خليفة، عرضًا تقديميًّا تتبع فيه المشاركون الرحلة، بدايةً من الحسابات النظرية ووصولًا إلى المجالات التجريبية لفيزياء الطاقة العالية، وأوضح من خلاله طريقة تسجيل أحداث التصادم عند المصادمات وكيف يُعاد بناؤها وتحليلها، وما هي خطط كاشف أطلس مستقبلًا، التي تشمل القياسات الدقيقة وما بعدها، إضافة لخطط تعزيز قدرات الاكتشاف في مصادم الهادرونات الكبير.
تضمن البرنامج العلمي في هذه الدورة أيضا عرضًا من قبل الدكتور عصام قطان، أستاذ مشارك، والدكتور أرجين فان فليت، أستاذ مساعد في الفيزياء، واللذان ركزا على شرح منهج الفيزياء في جامعة خليفة وأنشطتها البحثية. وانضم المشاركون من جامعة خليفة إلى مؤتمر دولي بالفيديو مع زملائهم من مصر وسلوفاكيا والبرازيل، إضافة لفيزيائيي الجسيمات من برنامج التدريب للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في جنيف. وقام جميع الطلبة من المؤسسات المشاركة بمقارنة النتائج التي توصلوا إليها ومناقشة تفسيرات البيانات، واختبار روح التعاون العلمي التي تُغذي الإنجازات العلمية في يومنا هذا.
قال البروفيسور محمود القطيري: "توفر الفيزياء المبادئ الأساسية التي يسترشد بها كل بحث علمي وابتكار تكنولوجي، حيث تشجّع الفيزياء على تنمية التفكير التحليلي وترفد المتعلّمين بمهارات حل المشكلات التي تعتبر ضرورية في جميع التخصصات، مثل الخوارزميات التي تدفع عجلة تقدّم علم البيانات في مجال تحليل الأعمال والنماذج الفيزيائية الحيوية المستخدمة في البحوث الطبية. في جامعة خليفة، نقوم بإعداد الطلبة للتفوق ليس فقط كفيزيائيين، وإنّما كقادة متعددي المهارات في أي مجال يختارون لإكمال مسيرتهم فيه".
ومن جهته، قال البروفيسور إيهاب السعدني: "أتقن المشاركون طريقة التعامل مع بيانات حقيقية من "سيرن"، وتعرّفوا أيضًا على إحدى الطرق الممكنة التي يمكن أن تساعد في الإجابة على أكثر أسئلة الكون تعقيدًا، حيث تسهم دراسة الفيزياء في تعزيز الابتكار الذي يدفع عجلة تقدّم التكنولوجيات التي نعتمد عليها بصورة يومية، والتي تشمل التصوير الطبي والطاقة المتجددة والاتصالات السلكية واللاسلكية، فهي تحفز الفضول العلمي في عقول الشباب وتزوّدهم بالأدوات اللازمة لتحويل اكتشافات اليوم إلى إنجازات الغد".
ترجمة: مريم ماضي
أخصائية ترجمة وتعريب