قدم فريق من الباحثين في جامعة خليفة إطار عمل جديد يمكنه أن يُحدِث نقلة نوعية في مفهوم التوصيل إلى الوجهة الأخيرة، والذي يُعَد الخطوة النهائية في عملية توصيل البضائع من مركز التوزيع إلى المستلم. وغالبًا ما يكون التوصيل إلى الوجهة الأخيرة هو الجزء الأكثر تعقيدًا والأغلى كُلفة ضمن سلسلة الإمداد والتوريد، حيث يشمل اجتياز الطرق المحلية والتعامل مع حركة المرور وتلبية توقعات العميل فيما يتعلق بسرعة التسليم. وفي الوقت الذي تواصل من خلاله التجارة الإلكترونية انتعاشها، يزداد الطلب بشكل غير مسبوق، على ابتكار حلول متعلقة بالتوصيل إلى الوجهة الأخيرة، تتسم بالكفاءة والتكلفة الاقتصادية.
استخدم أعضاء الفريق نظام "البلوك تشين" في النهج الذي اتبعوه في تنظيم التنسيق القائم بين الطائرات بدون طيار ومركبات التعهيد الجماعي، وشمل فريق الباحثين الأستاذ الدكتور هادي أُطرق والدكتورة مها قدادة والدكتورة رباب مزوني والدكتور شاكتي سنغ والدكتور عزام مراد، وقد نُشِرَت نتائج البحث الذي أجروه في مجلة "فيكيولار كوميونيكيشنز"، والتي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في مجال النقل.
وقال الأستاذ الدكتور هادي أُطرق: "ازدهرت صناعة الإمداد والتوريد في السنوات الأخيرة وبلغت قيمتها الإجمالية 21 مليار دولار في عام 2022، وبات التوصيل إلى الوجهة الأخيرة يحظى بأهمية هائلة في ظل توقع المستهلكين وصول المنتجات إلى باب منزلهم. وعلى الرغم أنه قد أصبح بإمكان الموزعين القيام بعملية التوصيل إلى الوجهة الأخيرة، إلا أنه من الممكن تبني نموذج التعهيد الجماعي لتوصيل الخدمات في الوقت المحدد وبتكلفة اقتصادية بواسطة مركبات تنتمي إلى هذا النموذج".
ويبشر النظام المبتَكَر الذي طوره أعضاء الفريق بنتائج من شأنها تحقيق الاستفادة القصوى من عمليات التوصيل وتحسين مستويات الشفافية وخفض التكلفة، ذلك أن إطار العمل الذي يتبنونه يجمع بين الطائرات بدون طيار والمركبات التقليدية، وكليهما مدعوم بالبلوك تشين. وإذا كانت الطائرات من دون طيار قادرة على تجاوز الازدحام المروري على الطرق وتسليم المنتجات بسرعة في المناطق الحضرية، فإن المركبات الأرضية قادرة على نقل حمولات أثقل واجتياز المناطق التي يُعَد وصول الطائرات بدون طيار إليها أصعب.
وأضاف الأستاذ الدكتور هادي: "تستطيع الطائرات بدون طيار توصيل المنتجات على نحو سريع حتى أثناء ساعات ذروة الازدحام المروري".
ويهدف إطار العمل من خلال توظيف طريقتي النقل، إلى الاستفادة من نقاط القوة التي تتسم بها كلا الطريقتين والتأقلم مع احتياجات وظروف التوصيل المتغيرة.
وتُمثّل المنصة القائمة على البلوك تشين أساس النظام المبتَكَر كما أنها تؤدي العديد من الوظائف المهمة، حيث تضم المنصة خوارزمية مطابقة توزع مهام التوصيل بكفاءة على كلٍّ من الطائرات من دون طيار والمركبات المناسبة، ويأخذ هذا التوزيع في الاعتبار عدة عوامل كمدى الحاجة المُلحة لسرعة التوصيل وتوافر المركبة والكفاءة الجغرافية أيضًا، إضافة لاحتفاظه بسجلٍ كاملٍ وثابتٍ وواضحٍ لكافة تعاملاته. ولا يضمن هذا التوزيع تكامل البيانات وأمنها فحسب، بل يعزز أيضًا الثقة بين المستخدمين ويزودهم بتاريخ واضح غير قابل للتغيير لعمليات التوصيل.
وتتولى العقود الذكية التي تستضيفها البلوك تشين أتمتة الخدمات اللوجستية، بينما تتولى عقود إدارة سلاسل الإمداد والتوريد إدارة التعاملات والبيانات بين أعضاء السلسلة، فيما تدير عقود التوصيل إلى الوجهة الأخيرة إدارة مهام التوصيل الفعلية وتكليف المركبات بها وتتبع التقدم المحرز وتسهيل عمليات الدفع الأوتوماتيكي.
تُعَد نتائج الاختبار المبدئي الذي أجراه الفريق واعدة، وتُظهِر المقارنات مع طرق التوصيل التقليدية أن النهج المتكامل مع البلوك تشين يمكنه أن يقلل أوقات التوصيل بنسبة 23% ويرفع كفاءة توزيع المهام بنسبة 6% ويحسن مستوى أجور وكلاء التوصيل بنسبة 50%. وتمثل هذه التحسينات فوائد لوجستية هائلة وتخفيضات محتملة في التكلفَة لكلٍّ من الشركات والمستهلكين.
ومن شأن الدمج بين الطائرات من دون طيار والمركبات التقليدية في إطار عمل قائم على البلوك تشين أن يسرع عمليات التوصيل ويقلل الازدحام المروري والتأثير البيئي الضار للنقل أيضًا، وتتضمن الخطوات المقبلة للفريق إجراء تعديلات في التكنولوجيا وتوسيع نطاق قدراتها، إضافةً لاستخدامها في العالم الحقيقي.
سيد صالح
اخصائي ترجمة وتعريب
14 يونيو 2024