قدّمت دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين بقيادة الدكتورة لوسيا جيما ديلوغو، أستاذة مشاركة في جامعة خليفة، معلومات مثيرة للاهتمام حول تفاعل المواد النانوية مع جهاز المناعة، وركزت الدراسة على ثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية ثنائي الأبعاد، وتحديدًا ثاني كبريتيد الموليبدينوم وكبريتيد التنغستن الرباعي، لتسليط الضوء على التوافق الحيوي والآثار المناعية للمادتين النانويتين. وجاء هذا المشروع البحثي كنتيجة لتضافر الجهود متعددة التخصصات والتي جمعت باحثين من جامعة مانشستر ومعهد كارولينسكا وجامعة أوغوستا وجامعة بادوفا، ونُشرت النتائج في المجلة العلمية "نانو توداي"، المعنيّة بعلوم وتكنولوجيا النانو.
حصل ثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية على اهتمام بحثي كبير بسبب خصائصه الفيزيائية الكيميائية الفريدة، التي تشمل مزيجًا من الخصائص الكهربائية والميكانيكية والبصرية، ما يجعله مناسبًا لتطبيقات مثل توصيل الأدوية وهندسة الأنسجة والتصوير الحيوي، كما يُعد فهم تفاعلاته مع جهاز المناعة أمرًا بالغ الأهمية لتقييم سلامته وفعاليته في التطبيقات الطبية الحيوية.
وفي هذا الصدد، صرّحت الدكتورة لوسيا: "تقوم تفاعلات الخلايا المناعية بدور أساسي في قيادة التطبيقات المستقبلية لثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية، حيث أظهرت هذه المواد فعالية في تطبيقات واعدة في مجال العلاج الحراري الضوئي كتفاعلها مع الخلايا المناعية في الأورام وقدرتها في المختبرات على تحفيز مناعة المضيف مباشرة عن طريق تنشيط خلايا معينة وتقليل انتشار السرطان. ومع ذلك، نحن بحاجة إلى فهم التفاعلات المعقدة بين هذه المواد والخلايا البشرية لتعزيز استخدامها في مجال الطب الحيوي.”
ركز الفريق البحثي على دراسة تأثير ثاني كبريتيد الموليبدينوم وكبريتيد التنغستن الرباعي على 16 نوعًا من الخلايا المناعية باستخدام تقنيات تحليلية مبتكرة للكشف المباشر عن ثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية داخل الخلايا والأنسجة المناعية، وغالبًا ما تتطلب الأساليب التقليدية تصنيف جزيئات الفحص الحيوي الفردية للكشف عنها باستخدام جزيء آخر، حيث يُمكّن تحديد جزيء معين في الخلية من افتراض أنه تم تحديد الجزيء المستهدف أيضًا، ولكن يمكن لبعض هذه الجزيئات تغيير الوظيفة الحيوية للمواد النانوية وتحريف النتائج التجريبية.
قالت الدكتورة لوسيا: "استخدمنا قياس التدفق الخلوي بواسطة زمن الطيران، والذي يمكنه الكشف عن الأجسام المضادة المرتبطة بالعنصر المعدني بناء على نسبة الكتلة إلى الشحنة."
سمح استخدام قياس التدفق الخلوي بواسطة زمن الطيران من خلال تحويل الأساليب التقليدية، للفريق بتأكيد الوجود الفعلي لثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية في النظم الحيوية وتطوير فهم مفصل لتوزيعها وتفاعلها مع مختلف أنواع الخلايا المناعية، حيث تُعتبر هذه المعلومات مفيدة جدًا بالنسبة لتصميم المواد النانوية التي يمكن أن تستهدف خلايا أو أنسجة معينة بشكل فعال دون إثارة ردود فعل مناعية غير مرغوب فيها.
أضافت الدكتورة لوسيا: "يُعد اكتشاف المواد النانوية في الخلايا والأنسجة أحد الجوانب المهمة لتوسيع التطبيقات الطبية الحيوية لها، وبعد أن أثبتنا توافقها الحيوي، كنا بحاجة إلى معرفة ما إذا كان يمكن تطبيق تكنولوجيات الكشف على ثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية في الدراسات المجراة، فقمنا بحقن الفئران بمزيج من مواد ثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية وكان من السهل اكتشاف كلتا المادتين على مستوى الأنسجة في جميع مجموعات الخلايا التي درسناها.”
مهّدت نتائج الفريق البحثي الطريق لمزيد من الاستكشافات المتعلقة بثنائي كالكوجينيد المعادن الانتقالية في الطب الحيوي، والتي تشمل إمكاناتها كأنظمة لتوصيل الأدوية أو صور الأشعة أو مكونات لهياكل هندسة الأنسجة، كما يمكن أن يؤدي توافقها الحيوي المثبت والقدرة على مراقبة تفاعلاتها مع الجهاز المناعي إلى الحصول على تطبيقات طبية حيوية أكثر أمانًا وفعالية.
علقت الدكتورة مضيفة: "تشهد حلول تكنولوجيا النانو الجديدة في علم الأحياء والطب إقبالًا كبيرًا، وهو أمر قد يقود إلى سيناريوهات جديدة هامة."
ترجمة: مريم ماضي