باحثون من جامعة خليفة يبحثون في مستقبل العلاج بالخلايا الجذعية

يتوقع الباحثون أن تلعب الخلايا الجذعية دوراً هاماً في علاج العديد من الحالات الصحية والأمراض نظراً لإمكانيتها في إصلاح الخلايا واستعادتها واستبدالها وإعادة تجديدها.

يشهد مجال العلاج بالخلايا الجذعية العديد من التحديات بالرغم من الإنجازات التي تحققت في هذا المجال والتي يجب الوقوف عندها ومعالجتها قبيل البدء في استخدامها كعلاج للأمراض على نطاق واسع، ومن هذه التحديات التي بحث فيها فريق جامعة خليفة البحثي كيفية تتجدد الخلايا الجذعية.

وفي هذا الإطار، قام كل من الدكتور عبد الرحيم ساجيني، الأستاذ المساعد في الهندسة الطبية الحيوية إلى جانب الدكتور جيمس مكلهيني، باحث الدكتوراه والدكتورة عائشة حسن، الأستاذة المساعدة في الهندسة الطبية الحيوية بكتابة ورقة بحثية تم نشرها في المجلة العلمية "ستيم سيلز" والتي تركز على الكيفية التي تقوم من خلالها الخلايا الجذعية بتجديد وتمييز نفسها.

وتمثل الخلايا الجذعية أساساً لجميع الأعضاء والأنسجة في جسم الإنسان، حيث تتميز بقدرتها على التجدد من تلقاء نفسها والانقسام اللامتناهي لإنتاج المزيد من الخلايا الجذعية الجديدة ذات الصفات المتخصصة.

من جانبه، قال الدكتور عبد الرحيم: "تساهم الخصائص المتميزة التي تتمتع بها الخلايا الجذعية في جعلها الحل الأمثل للطب التجديدي، حيث أظهر العلاج بالخلايا الجذعية نتائج مبشرة في علاج العديد من الحالات الطبية بما في ذلك إعادة نمو الغضاريف في حالات هشاشة العظام وتجديد خلايا بيتا البنكرياسية لدى مرضى السكري، إضافة لزراعة الخلايا الجذعية العصبية للذين يعانون من مشاكل في العمود الفقري".

ويتطلب العلاج بالخلايا الجذعية المزيد من البحث والدراسة قبل استخدامه على نطاق واسع في مجال الطب التجديدي. لذلك، يحتاج الباحثون أولاً إلى الاطلاع بشكل موسع على سلوك تلك الخلايا ومعرفة الكيفية التي تقوم من خلالها بتجديد نفسها لإنتاج أنواع مختلفة جديدة. وفي هذا الصدد، قام باحثو جامعة خليفة بدراسة مختلف أشكال الخلايا الجذعية والتعرف على التغيرات الكيميائية الحيوية المرتبطة بها.

يعتبر الحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه) مسؤولاً عن تشفير الجينات وفك تشفيرها وتنظيم التعبير عن المعلومات الوراثية داخل الحمض النووي منقوص الأكسجين (دي إن إيه)، حيث تم التوصل مؤخراً إلى أن (آر إن إيه) يتفاعل من العديد من المعدلات في خلايا جسم الإنسان والذي يؤثر على تنظيم الجينات والذي يُعرف بالتغير الكيميائي الحيوي.

ويوجد أنواع عديدة للخلايا الجذعية كالخلايا الجذعية الجنينية والخلايا الجذعية البالغة. وتعتبر الخلايا الجنينية خلايا متعددة القدرات، حيث يمكنها التطور لتصبح أنواعاً عديدة وذات صفات متخصصة تساهم في تكوين جسم الإنسان، لا سيما في المراحل الأول من تكون الجنين. وتعتمد خاصية تعدد القدرات في الخلايا الجذعية الجنينية على سلسلة متعددة من المراحل التنظيمية، إضافة للدور الهام الذي تقوم به التغيرات الكيميائية الحيوية في المحافظة على المرونة اللازمة لهذا النوع من الخلايا لتتمكن من التجدد والانقسام. على العكس من ذلك، فإن الخلايا الجذعية الجرثومة غير قادرة على التجدد بنفس القدرة التي تمتلكها الخلايا الجذعية الجنينية ويقتصر دورها على إنتاج الخلايا الجاميتية الأحادية.

وقال الدكتور جيمس: "تتميز الخلايا الجذعية بقدرتها على التجدد الذاتي مع تطوير خصائص جديدة. وقد توصلنا من خلال البحث في عمليات التعديلات الكيميائية الحيوية في الخلايا الجذعية إلى أهمية الدور الذي تقوم به مجموعة الحمض النووي الريبوزي في تنظيم فك التشفير في الخلية. وباعتبارها العملية الأهم في سلوك الخلية، يعتبر تفسير الأدوار الكيميائية الحيوية خطوة أساسية للتقدم والتطور في مجال معالجة التحديات التي تواجهها العلاجات بالخلايا الجذعية".

ويرتبط العلاج بالخلايا الجذعية بتحديات عديدة، فالخلايا الجذعية الجنينية الموجودة اليوم قد يتم رفضها من قبل الجسم. ومن جهة أخرى، يصعب نمو الخلايا الجذعية البالغة في المختبر، إضافة لتواجدها في كميات صغيرة.

وفي السياق، تعتبر زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم العلاج الوحيد الذي يعتمد على الخلايا الجذعية في الوقت الحالي والتي تستخدم لمعالجة الأشخاص المصابين باللوكيميا وسرطان الغدد الليمفاوية.

ومن التحديات الهامة في مجال الخلايا الجذعية تفسير اختلالات التوازن التي ينجم عنها نمو خلايا جذعية سرطانية، حيث تشكل بعض الخلايا الجذعية أوراماً بعد زراعتها وذلك لارتباط قدراتها المتعددة في التجدد بتشكل الأورام. وقد ثبت مؤخراً أن التغيرات الكيميائية الحيوية تقوم بدور رئيس في تنظيم بيولوجيا الخلايا الجذعية والذي جعل فريق الجامعة البحثي يتوصل إلى حقيقة أن التعديلات الطفيفة في الحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه) والقادر على فك الشيفرات تلعب دوراً بارزاً في مستقبل العلاجات بالخلايا الجذعية.

وقالت الدكتورة عائشة: "يرتبط حدوث التعديلات الكيميائية الحيوية للحمض النووي الريبوزي (آر إن إيه) المفكك للشيفرات بنمو الأورام من خلال التنظيم الجيني للخلايا الجذعية السرطانية، ويساهم فهم أثر تلك التعديلات الكيميائية الحيوية في تحديد كيفية تطور السرطان، وبالتالي الوصول إلى المزيد من المنهجيات المتخصصة في علاجه".