يركز بحث طالبة الدكتوراه حليمة النقبي على الفجوة في التمثيل العربي في بيانات الجينوم العالمية ويساهم في تشكيل إطار عمل أولي لزراعة الأعضاء ونخاع العظم في الدولة
بحث دكتوراه من جامعة خليفة يساهم في الحد من مخاطر زراعة الأعضاء من خلال الأفكار المبتكرة في مجال الجينوم الإماراتي

تعتبر زراعة الأعضاء واحدة من أكبر التطورات في مجال الطب الحديث وهي الاستراتيجية الوحيدة التي تحمي حياة الأفراد المرضى في المرحلة النهائية من فشل الأعضاء، لكن من المؤسف أن عدد المتبرعين بالأعضاء قليل جدًا مقارنة بالحاجة لهم. وفي نطاق دولة الإمارات، تمت أول عملية ناجحة في مجال زراعة الأعضاء من شخص متوفى في مايو 2013، ومنذ ذلك الحين تبرع 6 أفراد متوفين بأعضائهم لإنقاذ حياة  من المرضى في الدولة.

يشكل نظام المناعة عند الإنسان حاجزًا كبيرًا يؤثر في نجاح عمليات زراعة الأعضاء ويختلف من شخص لآخر، حيث يرفض جهاز المناعة عملية الزراعة كجسم غريب وبالتالي إتلاف العضو المزروع. ووفقًا لذلك، لابد من مطابقة العضو المراد زرعه من المتبرع مع طبيعة جسم المستقبل بعناية تامة قبيل البدء بعملية الزراعة للحد من أخطار رفض العضو وذلك من خلال مطابقة نوع الأنسجة والدم، إضافة لجينوم السكان الذي يلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال.

وفي هذا الإطار، تمكنت الطالبة حليمة النقبي من إنهاء درجة الدكتوراه في مجال المناعة الوراثية، حيث ركزت في أطروحة الدكتوراه على تعزيز  نظام زراعة الأعضاء بما في ذلك الفئات العرقية العربية وساهمت في الحد من أخطار رفض العضو المزروع لدى المرضى المستقبلين من خلال تحديد أقسام الجينوم التي يتشاركها السكان الإماراتيين، وهو ما يُعرف بـ (بروتينات التطابق البشري). ويعتبر هذا البحث الأول من نوعه في دراسة بروتينات التطابق البشري لدى الأفراد العرب من خلال الاستعانة بأنماط وراثية عالية الدقة لسلالة معينة. وتم إجراء هذا البحث بالتعاون ما بين الدكتورة حليمة والدكتورة غوان تاي والدكتورة سارة شحادة والدكتورة حبيبة الصفار، مديرة مركز التكنولوجيا الحيوية في جامعة خليفة الذي قاموا بنشره في المجلة العلمية "ساينتيفيك ريبورتس".

ويمكن تعريف بروتينات التطابق البشري، والتي يطلق عليها أيضًا اسم بروتينات (التوافق النسيجي الكبير)، بأنه مجموعة من الجينات التي ترمز لبروتينات سطح الخلية الضرورية لجهاز المناعة المكتسبة ليقوم بتحديد الجزيئات الغريبة وتحديد مدى مطابقة العضو المراد زرعه، حيث تحظى هذه العملية باهتمام كبير من قبل الباحثين في هذا المجال نظرًا لارتفاع مستوى التنوع في المتغيرات الجينية بين السكان.

تعتبر بروتينات التطابق الجيني، والتي تمتلك ما يزيد على 7000 متغير جيني، المنطقة الأكثر تنوع في مجال جينوم الإنسان، حيث ساهمت الدراسات بفحص ذلك النوع من البروتينات للعديد من الأغراض الطبية لدى مختلف السكان خاصة السكان الذين تنتشر بينهم أنواع معينة من البروتينات والذي قد يشير إلى وجود أمراض مزمنة. ويساهم الفهم الأمثل لبروتينات التطابق البشري بين أفراد فئة سكانية معينة في اتخاذ القرارات الطبية المناسبة وبشكل سريع.

 وقالت الدكتورة حليمة: "توجد معلومات قليلة حول تركيب بروتينات التوافق النسيجي الكبير  في السكان العرب خاصة أولئك الذين يقطنون منطقة الخليج، حيث لم يتم تحديد خصائص هيكله ولا محتواه، الأمر الذي شكل تحديًا أمام إجراء الدراسات في المجموعات العرقية الموجودة في المنطقة وساهم في الحد من القدرة على تحويل البحوث الجينية إلى ممارسات سريرية. لذلك، نسعى إلى مواجهة الفجوة المعرفية وتحديد خصائص  بروتينات التوافق النسيجي الكبير  لدى سكان دولة الإمارات".

من ناحية ثانية، يرجع مصطلح الأنماط الوراثية الفردية إلى الحمض النووي (دي إن إيه) الممتد بشكل طولي بين الأفراد من نفس السكان أو ينحدرون من نفس السلالة، فالأنماط الوراثية الفردية هي تقسيم مادي للمتغيرات الجينية التي يتوارثها أفراد معينون.

وأضافت الدكتورة حليمة: "من المتعارف عليه أن السكان في منطقة دول الخليج يُصنفون على تشاركهم في اللغة والتاريخ والثقافة، إلا أنهم يمثلون مجموعات متنوعة ومختلفة من الناحية الجينية. وتهدف هذه الدراسة، لا سيما بعدما أسست دولة الإمارات مؤخرًا البرنامج الوطني لتسجيل الأعضاء، إلى توفير   المعلومات المتعلقة ببروتينات التوافق النسيجي الكبير بين السكان الإماراتيين للمطابقة ما بين المتبرعين بالأعضاء والمستقبلين".

إضافة لذلك، قامت الدكتورة حليمة بتحليل المتغيرات الجينية في بروتينات التوافق النسيجي الكبير  وتكرار  الأنماط الجينية الفردية لدى متطوعين من أجزاء مختلفة من الدولة وجميعهم إماراتيون، حيث توصلت الدراسة إلى وجود أقسام لشيفرات جينية مشتركة بين المتطوعين من خلال التعرف إلى الأنماط الدينية الفردية في بروتينات التطابق البشري.

وقالت الدكتورة حليمة: "تؤثر الفجوة المعرفية في الجينوم العربي على قدرة الرعاية الصحية في المنطقة على تحويل نتائج بحوث الدراسات الجينية إلى ممارسات سريرية خاصة في مجال الاختبارات السريرية الهامة كالتوافق النسيجي. وفي هذا الإطار، نسعى لبذل المزيد من الجهود في دراسة بروتينات التوافق النسيجي الكبير  لدى سكان منطقة الخليج لتوفير الرعاية الصحية الأفضل والاستفادة من نموذج الرعاية الصحية الجديد المتمثل بالطب المتخصص الدقيق".