خبيرة من جامعة خليفة تساهم في تحرير إصدار خاص في مجلة دولية مرموقة يركز على "اقتصاد الهيدروجين"

دُعيت الأستاذة الدكتورة لورديس فيغا لتشغل منصب محررة ضيفة لإصدار خاص بالمجلة العلمية"إنداستريال آند إنجنييرنغ كيميستري ريسيرتش" التي تصدرها الجمعية الكيميائية الأمريكية يركز على أحدث التطورات والابتكارات التكنولوجية التي تدعم تأسيس اقتصاد الهيدروجين.

يعتبر الاعتماد المتواصل على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة أمرًا غير مستدام، لا سيما وأن الطلب على الطاقة آخذ بالتزايد بالتوازي مع ارتفاع الثورة الصناعية في الدول النامية والنمو السكاني الكبير الذي يشهده العالم.  

تتوجه الأنظار اليوم إلى إنتاج الهيدروجين قليل الكربون والتطبيقات التي تعتمد عليه في ظل سعي العالم للحصول على مصادر طاقة أكثر فعالية وآمنة على البيئة، حيث يمثل الهيدروجين حلًا خاليًا من الكربون لكن هناك بعض العوائق التقنية والاقتصادية التي تقف حائلًا دون تطبيق ذلك.

وفي نطاق الأهمية العالمية التي يحظى بها هذا الموضوع، خصصت المجلة العلمية "إنداستريال آند إنجنييرنغ كيميستري ريسيرتش" إصدارًا خاصًا للهيدروجين ودعت خبيرين مرموقين من مجلس التحرير ليؤدوا دور محررين ضيوف في المجلة وهما، الأستاذة لورديس فيغا، مديرة مركز جامعة خليفة للبحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين ومديرة أولى بالوكالة في المعهد البترولي والأستاذة ساندرا كنتش من جامعة ملبورن. وقد تم اختيار الخبيرتين ودعوتهما لتحرير هذه النسخة الخاصة التي تضمنت ثلاث أوراق بحثية لباحثين من مركز البحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين.

وقالت الأستاذة لورديس: "تتجاوب الحكومات في جميع دول العالم لمشكلة الاحتباس الحراري العالمي من خلال وضع أهداف جديدة وأطر زمنية للوصول لصناعات ومجتمعات خالية من الكربون. ولتحقيق ذلك، تتضمن السياسات في بعض الدول النامية في الوقت الحالي الحرض على إنتاج الهيدروجين كمصدر رئيس بديل للطاقة".

يعتبر الهيدروجين وقودًا خال تمامًا من الكربون يمكن الاستفادة منه في خلايا الوقود ومحركات الاحتراق الداخلي التي تشمل الحافلات والسيارات والمركبات الفضائية. ويتوفر الهيدروجين بكميات كبيرة جدًا في البيئة لكن ليس بشكل منفرد، وإنما يتوفر في المياه والمواد الهيدروكربونية وغيرها من المواد العضوية، الأمر الذي يشكل تحديًا رئيسًا لاستخراجه بطريقة فعالة.

وتُصنّف عمليات إنتاج الهيدروجين في معظم الأحيان وفقًا للألوان، حيث يعتبر الهيدروجين "الرمادي" من أكثر طرق إنتاج الهيدروجين شيوعًا في الوقت الحالي ويتم الحصول عليه من غاز الميثان والمياه في عملية تُسمى إصلاح بخار الميثان التي ينتج عنها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهناك الهيدروجين "الأزرق" الذي ينتج من خلال نفس العملية يُضاف إليها عملية فرعية تتمثل بالتقاط ثاني أكسيد الكربون بواسطة تكنولوجيات التقاط الكربون، أما الهيدروجين "الأخضر" فيُستخرج من مصادر الطاقة المتجددة المستخدمة في مجال فصل المياه.

وفي هذا الإطار، قام فريق بحثي من جامعة خليفة يضم أوساهون أوساسوي والدكتورة جورجيا باسينا والدكتور ياسر الواحدي والدكتور محمد أبو زهرة والدكتور جيوفاني بالميزانو والدكتور خالد آل علي وجميعهم من قسم الهندسة الكيميائية وأعضاء في مركز البحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين، ببحث إنتاج الهيدروجين والكبريت من كبريتيد الهيدروجين، وهو مادة سامة تنتج كمخلفات عن صناعة النفط والغاز. وفي هذه الورقة البحثية، تم إدارج 17 معدن في قائمة الاختبار لاختيار المعدن المناسب المناسب لعملية الفصل الكيميائي الحراري، وتوصل الفريق لستة معادن واعدة ذات فعالية عالية في إنتاج الهيدروجين.

وعند استخراج الهيدروجين، يمكن الاستفادة منه في العديد من التطبيقات التي تعتمد على الغاز الطبيعي، إلا أن الفرق بينهما أن نسبة انبعاث غازات الكربون والميثان تساوي صفرًا عند احتراق الهيدروجين.

وأضافت الأستاذة لورديس: "يساهم الهيدروجين في الحصول على اقتصاد خال من الكربون وتحقيق نسبة انبعاث كربوني تساوي صفرًا من خلال العديد من الطرق، إضافة إلى أنه يشكل حلًا فعالًا لحفظ الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة. ويعتبر الهيدروجين أيضًا مصدرًا رئيسًا يجمع ما بين الحرارة والطاقة، لذلك يمكن أن يحل محل الغاز الطبيعي في وسائل النقل التي تشمل المركبات الثقيلة والقطارات والسفن وغيرها".

وقالت: "هناك طريق طويل يستدعي عبوره قبل الوصول لاقتصاد الهيدروجين في العديد من الدول،  أولها انخفاض أسعار الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وإنشاء شبكات توزيع جديدة وتطوير محطات الوقود وطرق النقل لتسهيل عملية نقل الهيدروجين إلى موقعه الأخير، إضافة لتعديل البنية التحتية والمعدات، وهي متطلبات ليس من السهل تحقيقها".

وتتطلب عمليات إنتاج الهيدروجين حفظه ونقله، ويتطلب حفظه بشكل فعال تعرضه لضغط عال جدًا ودرجات حرارة منخفضة للحد من حجمه، ولكن تكمن المشكلة في أن ذلك يستهلك 20% من طاقة الهيدروجين نفسه.

وفي هذا الصدد، بحث كل من الدكتور أنيش فارغيس والدكتور سوريش كومار ريدي والدكتور جورجيوس كارانيكولوس من قسم الهندسة الكيميائية ومركز البحث والابتكار في ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين في جامعة خليفة، في عمليات حفظ الهيدروجين بالاستعانة بمواد صلبة تشمل الهياكل العضوية المعدنية التي تتميز بمساميتها ومرونتها في امتصاص الهيدروجين لأغراض حفظه، حيث طور الفريق هيكلًا عضويًا معدنيًا باستخدام النحاس وأكسيد الغرافين في درجة حرارة الغرفة.

وفي إطار عمليات نقل الهيدروجين المعرض للتسرب من خلال الصمامات كونه جزيئات دقيقة قد تعرض البنية التحتية للخطر، اقترحت بعض الدراسات حلًا يتمثل في دمج الهيدروجين مع شبكة الغاز الطبيعي لأنه يمكن من خلال خطوط الأنابيب هذه دمج نسبة 30% من الهيدروجين وبالتالي تلافي مشكلة تلف البنية التحتية.

وقد ساهم فريق جامعة خليفة البحثي المكون من الدكتور إسماعيل الخطيب والدكتور أحمد الحجاج والأستاذ علي المنصوري والأستاذة لورد فيغا وجميعهم من قسم الهندسة الكيميائية، بالكشف عن التغيرات الديناميكية الحرارية في خطوط الأنابيب عند تطبيق عملية دمج الهيدروجين مع الغاز الطبيعي دون التأثير على السلامة وفعالية العمليات في الشبكة. وقام الفريق أيضًا بقياس أثر  تركيز الهيدروجين في خصائص الغاز الطبيعي، حيث تمت ملاحظة تغيرات في كثافته وسرعة الصوت. وتفيد هذه المعرفة ليس في عمليات نقل الهيدروجين فقط، وإنما في آلية الاستفادة من دمج الهيدروجين ليحل مكان الغاز الطبيعي وبالتالي تحقيق صناعة خالية من الكربون.

يذكر أن الأستاذة لورديس أكدت على أنه لا يمكن تحسين اقتصاد الهيدروجين والنهوض به إلا بتضافر جهود العلماء والمهندسين للتصدي لمشكلة تغير المناخ.